ایکنا

IQNA

وسائل التواصل الاجتماعي وهدي القرآن في ترشيدها

10:18 - January 18, 2023
رمز الخبر: 3489426
بيروت ـ إکنا: يجب لفت نظر الأحبّة والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي والفضاء الافتراضي إلى أنّ المواقف الّتي تصدر عنهم سواءٌ بكلمة أو ببثّ خبر معيّن أو بنقل فكرة معيّنة،  فإنّ الله تبارك وتعالى السّميع والبصير، ويراقب هذه المسائل.

في حديثنا إن شاء الله تعالى، نتناول موضوعاً ومسألةً مهمةً وملخصها وعنوانها أنّه كيف يمكننا أن نصير إلى الايجابية وإلى الخلاص من طريقة تعدّي الآخرين في وسائل التواصل الإجتماعي على الآداب واللياقات العامّة، والّتي يجب أن يتحلّى بها كلّ إنسان فضلاً عمّا لو كان مؤمناً أو كان ملتزماً، أو متزناً أو متبعاً لأهل البيت(عليهم السلام) فمجمل القول بهذه المسألة إنّ هذا العالم من ضمن العوالم التي يعيشها بنو آدم، أقصد بذلك أنّ العالم الإفتراضي ـ كما يسمّى ـ هو أيضًا محلٌّ للإبتلاءات بالناس الخيرين وبالناس الذين لايملكون هذه المواصفات وفيه العالمون، وغيرهم، وفيه الناصحون، و غيرهم، وفيه الذين لايدارون، والذين لايقفون عند حدود، فيحاولون أن يقتحموا تلك الحدود ليصلوا إلى الأسوار التي وضعها الآخرون من قبيل سور الإحترام، وسور المحبّة، وسور التودّد.

فبعض الأحبّة يحاولون أن يرفعوا هذه الموانع. فنجدهم بطريقة أو بأخرى من خلال كتابة كلمة أو من خلال إرسال تسجيل صوتيّ، أو من خلال نقل فكرة أو من خلال بثّ خبر معيّن، من حيث يشعرون أو لايشعرون، يدخلون الأسى والأذى على الأخرين. فالواجب ـ نحن ـ تجاه هذه التعديات، وتجاه أشخاص مثل هؤلاء أن نملك: أوّلاً، مقدرات الوعي ومقدرات رحابة الصّدر، ومقدرات العلم والمعرفة لإيقاف هؤلاء الأحبّة عند حدود الإنسانيّة ومراعاة مشاعرها ونذكرهم. ثانياً، بأنّ الله سبحانه وتعالى قد جعل رقيباً على الإنسان كما في قوله تعالى:"مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"(سورة ق / الآية 18).

فيجب لفت نظر الأحبّة إلى أنّ المواقف الّتي تصدر عنهم سواءٌ بكلمة أو ببثّ خبر معيّن أو بنقل فكرة معيّنة،  فإنّ الله تبارك وتعالى السّميع والبصير، يراقب هذه المسائل. إذ إنّه في كثير من الأحيان قد ننقل صوت غناء أو موسيقى، أو فكرة معيّنة للآخرين قد يحصل على أثرها عند الآخرين سُماعٌ لذلك الطرف الآخر من قبل الأولاد، من قبل الأصّحاب، فيتأقلمون مع هذه الفكرة، وهذا النقل وهذا الخبر.

و هنا سوف يكون هؤلاء الأحبّة وسيلةً - وبالتّالي العياذ باللّه تعالى كما قال الله تعالى في كتابه الكريم  "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا" وإن كان بطريقة أو بأخرى تفسير الفاحشة بمعنى معيّن إلاّ أننّا نستطيع أن نستشمّ منها، أنّ نشر الأخطاء ونشر الفساد ببعض الطرق، ولاسيما وسائل التواصل الإجتماعي، قد يخضعنا أيضاً للسؤال الإلهي وللمطالبة الإلهيّة.

ثالثاً : علينا أن نذكرهم بإنسانيتهم وواجبهم بأنّ هذه المنصّة أو المنبر أو هذا العالم هو للتفاهم فيما بين البشر، كما يقول جلّ وعلا:"إنّا خلقنكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا" فعلينا أن نبدّل طريقة الإستفزاز وطريقة الإستهزاء، وطريقة ممارسة الجّهل مع الآخرين. علينا أن ننبههم أنّ هذه نعمة علينا أن نستفيد منها، أي المنصّة أو وسائل التواصل الإجتماعي هو عالمٌ "وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا"(سورة النحل / الآية 18) من جملة نعم الله على البشريّة، كي تتواصل مع بعضها، وتطمئن على أحوالها، وينقل العلم، وتنقل المعارف، وكي تشيع أجواء الأخوّة والمحبّة والموّدة فيما بين أفراد البشر.

فنزوع البعض إلى الأذيّة، وإرتكاب الأخطاء بحقّ الأخرين من خلال تلك الممارسات الخاطئة بنقل الأفكار والصور والفقرات الّتي تساهم في إفساد البشريّة، أيّضاً هذا يخرج الإنسان عن إنسانيّته ويكون مجانباً للحقّ والصواب، وللمنطق وللعقلانيّة في أنّ الله تعالى قد مكّن فيما بين أيدينا هذه النعمة للإستفادة منها لما ينفع البشريّة، ويجعلها في مقامات التطوّر وتغيير الحال إلى الأفضل وإلى الأحسن. وكما يقول الامام علي(ع): "فاعل الخيّر خير منه، وفاعل الشرّ شرّ منه" والعياذ باللّه عندما يمارس الإنسان الشرّ بطريقة أو بأخرى فاستنادًا لكلام الامام عليّ(ع) أنّه أسوء من ذلك الشر الّذي فعله، وأنّ الّذي يمارس الخير هو أفضل من ذلك الخير وأحسن منه. رابعًا علينا أن نبيّن لهؤلاء الأحبّة بالمنطق وبالحوار وبالطريقة المُثلى والجميلة أُدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالّتي هي أحسن"، وإلّا إذا قابلناهم بالطريقة الخاطئة أيّضًا.

فنكون قد ماثلناهم في أفعالهم وفي أقوالهم، وعند الله جلّ وعلا لا يكون الفرق ليميز الله الخبيث من الطيّب، فالإنسان الّذي ينشر الخيّر والمحبّة والمودة، ينقل الأفكار الجميلة وتصدر منه المواقف القريبة من الإنسانيّة ومن المعروف ومن الخير. هذا الإنسان يُرفع به الرأس وتُكرم به الأمّم، فيما لو كانت هذه العناصر موجودة ومتوافرة عند الإنسانيّة وما أكثرها في مجتمعاتنا.

فإنّك إذا رأيت إنسانًا يُخطئ  فلاتظنن بكلمة خرجت من فيه أخيك سوءًا وأنت تجد لها في الخيّر محتملًا. فأحد هذه المحامل أنّ نوجّه كلامه بالإتجاه الصحيح، ونقول للآخرين نعم صدر من أختنا أو من أخينا هذا الكلام، فمثلًا لو أساء أحدهم بكلامه وقال: "المسلمون كثيرو العدد، وقليلو البركة". فنستطيع مثلاً من خلال هذا الأسلوب التهجميّ على أمّة الإسلام أنّ نوجّه كلامه بأنّهم كثيرون مثلاً في صلاة الجماعة، وكثيرون في شهر رمضان المبارك.

ولكنّ قليلو البركة في الشر؛ فنكون كما قال تعالى "إِدفع بالّتي هي أحسن فإذا الّذي بينك وبينه عداوة كأنّه وليّ حميم" و قد وجّهنا السلبيات لجعلها إيجابيات. وبذلك يرضى علينا جلّ وعلا في كلّ شؤون حياتنا، ونعيش السّعادة، كسعادة الأنبيّاء ونرافق الأتقياء ونحشر مع الشّهداء بهذه الأخلاق، لأنّها كانت أخلاقهم، وكانت عيشتهم وكانت طريقتهم على هذا الشكل وعلى هذه الهيئة.

وفي الأخير نستطيع أن نقول بإختصار شديد، فيما لو حاول الآخرون، كلّ الأخرين أن يفسدوا أديانهم ودنياهم بالشرور والأذيّات، فعلينا أن نقابل كل هذه الشرور والأذيّات، وكل هذه المفاسد بقلوب طيّبة وبنيّات صالحة وبعقول منفتحة، وردود واعيّة لأنّه مطلوبٌ منّا أن ندعوَ إلى الله سبحانه وتعالى، الدّعوة إلى الله جلّ وعلا لا تكون إلّا بالصّبر الإيجابي، وإلّا بالطّاقة الإيجابيّة، وإلّا بالإنفتاح الأكبر على أخلاقيّات الأنبياء وأخلاقيّات أئمة الهدى(صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، وأن نتأسّى بحضرة المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم).

بقلم مدير جمعية القرآن في منطقة "بعلبك" اللبنانية وضواحيها " الشيخ "حاتم برو"

captcha